في مدينة غوادا لاخارا المكسيكية الجميلة كان ألفونسو رجلا ثريا جدا يملك سلسلة من الفنادق الفخمة والمطاعم، متزوج من ابنة عمه آنا و أنجب منها ابنته الوحيدة ريناتا
ذات أمسية كانت الزوجة تقود سيارتها الفارهة برفقة ابنتها عائدين من حفل زواج شقيقة ألفونسو
وفي الطريق الجبلي الدائري اصطدمت السيارة بالسياج الحديدي المحاذي لجهة السائق ذهبت ضحيته آنا و خرجت الابنة سليمة كأنها لم تكن داخل السيارة الا أنها أصيبت بصدمة نفسية قوية ، كان ألفونسو يحب ابنته كثيرا وتضاعف هذا الحب بعد فقد زوجته الا انه يبدو حزينا جدا لحالة ابنته التي كانت ترفض الخضوع لاي نوع من العلاج لكن أخيرا بدأت ترق لقلب أبيها و وافقت على استدعاء طبيب لها . بدأ ألفونسو في رحلة البحث عن أمهر الاطباء لكن بمواصفات خاصة فقد كان يغار جدا على ابنته لدرجة لا توصف حبا لها وحرصا على ثروته كي لا تذهب لمن لا يستحق.
طال بحث الرجل الثري عن طبيب يعالج ابنته فقد اشترط أن يكون الطبيب كفيفا أعمى وأخيرا قرر تنزيل اعلان مكتوب في كبرى صحف المدينة
أحد أطباء النفس المغمورين والمغامرين ويدعى خوسيه قرأ الاعلان في الجريدة اليومية فكّر الطبيب خوسيه مليا في الأمر فقد كان العرض مغريا تقدم بطلبه وقدم نفسه كطبيب نفسي كفيف ، لم يستغرق الأمر يومين حتى وصلت له دعوة للحضور لمكتب ألفونسو لدراسة الطلب .. لم يكن خوسي طبيب نفس عاديا بل كان أيضا بارعا في الحوار وتقمص الأدوار وقد شرح لألفونسو بأنه كان كاتبا وأديبا معروفا قبل أن يتخصص في طب النفس و ازداد خوسيه ثقة عندما قال الفونسو اذكر بأني قرأت لك شيئا من ديوانك الأخير ، بعد تجاوز الطبيب الاختبار وافق ألفونسو الثري على خطة العلاج واتفقا على جميع التفاصيل
وخصص له جناحا خاصا في القصر بما أن خوسية من مدينة مكسيكو ويحتاج لسبع ساعات لكي يصل يوميا في موعده
.. استدعى الفونسو سائقه الخاص ليأخذ خوسيه الى المطار وأثناء خروج خوسيه من المكتب تعمد التعثر والسقوط فصرخ الفونسو في وجه السائق لماذا استدعيتك انا اذا ؟
قال خوسيه لا بأس أنا بخير ليست غلطة السائق انا فقدت توازني .
بعد أن أصبح الطبيب مقيما بقصر ألفونسو ومضى على عمله أسبوعين
بدأت ريناتا تتجاوب مع برنامج العلاج الذي كان يحتوي على علاج نفسي وعلاج طبيعي عن طريق مايعرف بتحفيز نقاط الضغط في الجسم لتنشيط الدورة الدموية وبعض الغدد المسؤولة عن افراز الهرمونات الهامة .
ماندا وهي خادمة القصر كانت تحضر فطور الصباح لسيدتها ريناتا وكذلك تفعل مع الطبيب وبعد ساعة من الفطور تأخذ ماندا الطبيب حيث ريناتا في غرفة نومها وتخرج معه بعد انتهاء الجلسة الا أن ريناتا لاحظت تغيرا في لهجة ماندا مع خوسيه ..وفي الجلسة المسائية دخلت ماندا كالعادة مع الطبيب فطلبت ريناتا من الخادمة الخروج والعودة بعد انتهاء كل جلسة .فامتثلت ماندا لسيدتها وخرجت تكمل شؤونها في القصر .
سألت ريناتا الطبيب قبل بدء حصة العلاج هل أحضرت لي ديوان شعرك الاخير الذي طلبته منك بالأمس قال نعم و أخرجه من حقيبته فأمسكت ريناتا بيد خوسية واعطته قلم وقالت اريده بتوقيعك فابتسم خوسي قائلا شرف لي سيدتي .
دائما ما كانت الحصة الاولى عبارة عن دردرشة عفوية بينهما يتخللها تحليل نفسي كلما رأى الطبيب حاجة لذلك ..كان يسألها ماذا تشاهد في أحلامها و يسألها عن توقيت حالات الفزع التي تنتابها كل يوم أما الحصة المسائية من العلاج فكانت علاج طبيعي .. وذات يوم سألت ريناتا طبيبها عن سبب فقده لبصره فأجاب بأنه خطأ طبي عندما اردت عمل جراحة اللايزر على عيني وتسأل ريناتا كيف حال عينيك بعد العملية هل تشوهتا قال خوسيه لا لا عيناي سليمتا الشكل وأنا ألبس نظارة خاصة جدا ليس لاخفاء عيناي بل تقوم النظارة بعمل مهم جدا وهي عكس أي ترددات تصطدم بسطح العين لكي لا تحصل مضاعفات سلبية فقد وعدوني بعملية ثانية لاصلاح الخطأ ولكن بعد مضي ثلاث سنوات ، همهمت ريناتا وبجرأة قالت هلا أزحت نظارتك قليلا ، فعل خوسيه بسرعة ودون تردد ثم أعاد نظارته ، قالت ريناتا ممتنة لك جدا أتمنى أن تحظى بعناية فائقة لعيناك الجميلتان في العملية القادمة وتكلل بالنجاح ولكن هلا أخبرتني كم تبقى على موعدها قال خوسيه تقريبا عامين فدعت له ريناتا بالتوفيق ، قال لها شكرا للطفك سيدتي ، هيا لنبدأ حصة العلاج الطبيعي .
كانت حصة العلاج الطبيعي عبارة عن نوع من الطب الصيني البديل وهي تحفيز نقاط الضغط في الجسم لاسيما عند القدمين ، تمدددت ريناتا على سريرها بينما خوسيه يخرج بعض أدواته المستخدمة في العلاج قبل أن يضيف قطرات معدودة من مرهم خاص بالتدليك ، وأثناء التدليك كان يركز خوسيه على طرح الاسئلة على ريناتا لانها تكون في حالة استرخاء ، سألها لماذا كل هذا الجفاء مع أبيك ألفونسو منذ وقوع الحادث رغم حبه الكبير لك ألا تشعرين بالذنب تجاهه فقاطعت ريناتا الطبيب تسأله هل يراه كل يوم ،أجاب خوسيه لا ليس كل يوم فأنت تعرفي كثرة انشغال والدك وكثرة سفره ولكن دائما يتصل بي ليطمئن على سير العلاج ويطلبني الى مكتبه مرة في الاسبوع ...كان خوسيه طبيبا بارعا ان لم يكن عبقريا في مجال تخصصه فقد كانت معاملته لريناتا في غاية الرقة الأمر الذي دفع بها الى الغيرة من ماندا الخادمة والحقيقة ان ماندا كانت تتصرف بحكمة وتؤدي واجبها فقط تجاه خوسيه فهي تتلقى أوامر صارمة من ألفونسو بمراقبة الوضع ومع ذلك كانت متعاطفة ومنحازة الى ريناتا وتتفهم حالتها المرضية ولم تخبر ألفونسو بما فعلته معها ريناتا فهي من جهة تحب ريناتا ومن جهة أخرى تخشى أن تفقد وظيفتها فالجميع متوتر في القصر باستثناء خوسيه ..
بعد فترة من التفكير ردت ريناتا على خوسيه قالت له سأخبرك عن سبب الجفاء بيني وبين والدي أعدك بذلك في جلسة أخرى فأنا متوترة هذه الليلة ...أردف خوسيه قائلا انه مساء السبت ويمكن أن أتخلى عن الذهاب الى مكسيكو فأنت بحاجة الى جلسة أخرى ولن أتركك بهذه الحالة ، قالت ريناتا افعل ما تراه مناسبا ..
قال خوسي استدعي لي ماندا لاحضار بعض المراهم لجلسة تدليك واسنرخاء ..
طرقت ماندا الباب ثم استأذنت ودخلت وهمست في أذن ريناتا فابتسمت ..قالت لها سألني سيدي كيف تجري الامور وهل تحضري الجلسات بانتظام مع الطبيب فأجبته نعم سيدي نعم كل شيء على ما يرام ... تضغط ريناتا على يد ماندا وهي تطلب منها ان تأخذ خوسيه الى جناحه لاحضار بعض الأدوية .
وفي جلسة التدليك والاسترخاء بدأت النتائج مطمئنة جدا كانت ريناتا تبدو في أفضل حالاتها منذ الحادثة حتى أنها ارتدت ملابس خاصة بهذه الجلسة تشف عن جمال خرافي ومنقطع النظير ..كان خوسيه مستغرقا في التدليك وهو يسمع بالتفصيل الدقيق لسبب الجفاء بينها وبين والدها ، تقول رينانا بأن أمها كانت على خلاف مع شقيقة ألفونسو ولم تكن تريد الذهاب لحفل زفافها الا ان والدي أجبر أمي على الذهاب برفقتي وقضاء بعض الوقت هناك وفعلا لم تكن الأجواء تروق لوالدتي فعادت بنا وهي متوترة وحدث ما حدث ..وقد كان والدي سببا رئيسا في وفاة والدتي وسببا في صدمتي ...يقول خوسيه ريناتا أنت رقيقة القلب وحساسة وعاطفية جدا وعاشقة لأبيك هذا ما فهمته منك رغم كل الألم الذي حدث ... ريناتا أتسمحين لي بطلب فها أنا تنازلت لأجلك عن إجازتي ، ريناتا تجيب بسرعة نعم نعم أنا ممتنة جدا لك ..يقول خوسيه أكتبي لي رسالة اعتذار لوالدك وعبري له عن حبك وأن يتفهم حالتك الحرجة بعد الحادث وأنك تتماثلين للشفاء لعل الرسالة تذهب بعض حزنه وغضبه أيضا مني ...تقاطع ريناتا الطبيب لماذا لم تخبرني بذلك وماسبب غضبه منك ستسوء حالتي بعد هذا الخبر ولن اكتب شيئا له... يجيب خوسيه في هدوء ان السيد الفونسو مستاء من نتيجة العلاج ويقول لي لم ألحظ تقدما ويتعجل النتائج رغم وعدي له ان فترة العلاج لن تتجاوز الأشهر القليلة ونحن مازلنا في الأسبوع الرابع ...تبتسم ريناتا من جديد وتقول : لك ما تريد خوسيه سأكتب لوالدي رسالة فأنا أيضا اشتقته وسأخبره بأنني أتعافى وسأحضنه قريبا